تمهيد
تعدّ البدعة في الدين من المعاصي الكبيرة والمحرّمات العظيمة ، التي دلّ على حرمتها الكتاب والسنّة ، كما وأُوعِد صاحبُها النار على لسان النبيّ الأكرم ، وذلك لأنّ المبتدع ينازع سلطان الله تبارك وتعالى في التشريع والتقنين ، ويتدخّل في دينه ويُشرِّع ما لم يشرِّعه ، فيزيد عليه شيئاً وينقص منه شيئاً في مجالي العقيدة والشريعة ، كلّ ذلك افتراء على الله.
وقد بُعث النبيّ الأكرم بحبل الله المتين ، وأمر المسلمين بالاعتصام به ، ونهى عن التفرّق ، وقال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) (١).
ولكن المبتدع يستهدف حبلَ الله المتين ؛ ليوهنه ويخرجه من متانته بما يزيد عليه أو ينقص منه ، وبالتالي يجعل من الأُمّة الواحدة أُمماً شتّى ، يبغض بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً ، فيتحوّلون إلى شيعٍ وطوائف متفرّقين ، فرائس للشيطان وأذنابه ، وعلى شفا حفرة من النار ، على خلاف ما كانوا عليه في عصر الرسالة.
__________________
(١) آل عمران : ١٠٣.