يدخلهم الإسلام ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها ، وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة ، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أمّا كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه ، وأمّا الصلاة ، فانّه لا خير في دين لا صلاة فيه. فقالوا : يا محمد ، فسنؤتيكها ، وإن كانت دناءة (١).
انظر إلى التعصّب المميت للعقل يسأل رسول الله ـ الذي بعث لكسر الأصنام وتحطيم كلّ معبود سوى الله ـ أن يدع لهم الطاغية وهي اللّات لا يهدمها ثلاث سنين ....
وكان هذا الاقتراح نابعاً عن العصبية لطرق الآباء وسلوكهم ، وكان المقترح في حضرة النبيّصلىاللهعليهوآله.
هذه هي الأسباب العامّة ، وهناك أسباب خاصّة لظهور البدع في المجتمع الإسلامي لا تخفى على القارئ الكريم منها.
٥ ـ التسليم لغير المعصوم
إنّ من أسباب نشوء البدع التسليم لغير المعصوم ، فلا شكّ أنّه يخطأ وربّما يكذب ، فالتسليم لقوله سبب للفرية على الله سبحانه والتدخّل في دينه عقيدة وشريعة.
فإذا كان النبيّ الأكرم خاتم النبيين وكتابه خاتم الكتب وشريعته خاتمة الشرائع ؛ فلا حكم إلّا ما حكم به ، ولا سنّة إلّا ما سنّه ، والخروج عن هذا الإطار تمهيد لطريق المبتدعين. وفي ضوء ذلك لا معنى معقول لتقسيم السنّة إلى سنّة النبيّ
__________________
(١) السيرة النبوية ٢ : ٥٣٧ ـ ٥٤٣.