الخضوع للأنبياء والرسل رغم البراهين الواضحة كما يقول سبحانه : (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(١).
ومن هذا المنطلق ، اقترح تميم بن جراشة على النبيّ ـ عند ما جاء على رأس وفد من الطائف يخبره بإسلام قومه ـ أن يكتب لهم كتاباً ، بأن يفي لهم بأُمور ، يقول : قدمتُ على النبيّ صلىاللهعليهوآله في وفد ثقيف فأسلمنا وسألناه أن يكتب لنا كتاباً فيه شروط فقال : اكتُبوا ما بدا لكم ثمّ ايتوني به ، فسألناه في كتابه أن يُحلّ لنا الربا والزنا ، فأبى عليّ رضى الله عنه : أن يكتب لنا ، فسألنا خالد بن سعيد بن العاص ، فقال له علي : تدرى ما تكتب؟ قال : أكتب ما قالوا ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله أولى بأمره ، فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال للقارئ : اقرأ ، فلمّا انتهى إلى الربا قال : «ضع يدي عليها في الكتاب» ، فوضع يده فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (٢) الآية ، ثمّ محاها ، وأُلقيت علينا السكينة فما راجعناه ، فلمّا بلغ الزنا وضع يده عليها (وقال :) (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) (٣) الآية ، ثمّ محاها وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا (٤).
ورواه ابن هشام بصورة أُخرى قال : وقد كان ممّا سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يدع لهم الطاغية ؛ وهي اللّات ، لا يهدمها ثلاث سنين ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة ، ويأبى عليهم ، حتى سألوا شهراً واحداً بعد مقدمهم ، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمّى ، وإنّما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلّموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ، ويكرهون أن يروّعوا قومهم بهدمها حتى
__________________
(١) الزخرف : ٢٣.
(٢) البقرة : ٢٧٨.
(٣) الإسراء : ٣٢.
(٤) أُسد الغابة ١ : ٢١٦ مادة تميم و ٣ : ٤٠٦.