فبعد هذه التصاريح على أنّ حقّ الناس على الله مقتضى تفضّله سبحانه وتكرّمه على عباده ليس لنا أن نستشكل في تصوير حقّ الناس على الله.
على أنّ هذا النوع من التوسّل لا يفترق عن التوسّل بذات النبي وشخصه فإنّ المنزلة والمقام مرآة لشخصه ، وإنّ حرمة الشخص وكرامته نابعة من كرامة ذاته وفضيلتها ، فلو صحّ التوسّل بالأوّل كما تعرّفت عليه من خلال الأحاديث يصح بالثاني بدون إشكال ، ويدل عليه من الأحاديث ما نذكره :
١ ـ التوسّل بحقّ السائلين
روى عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : «اللهمّ إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك ، وأسألك بحق ممشاي هذا ، فإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سُمعة إنّما خرجت اتّقاء سخطك وابتغاء مرضاتك أن تعيذني من النار وأن تغفر ذنوبي إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت» ، إلّا أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك (١).
إنّ دلالة الحديث واضحة لا يمكن لأحد التشكيك فيها ، وسند الحديث صحيح ورجاله كلّهم ثقات ، نعم اشتمل السند على عطية العوفي وقد وثّقه لفيف من أهل الجرح والتعديل.
قال أبو حاتم : يكتب حديثه ، وقال ابن معين : صالح ، وقال ابن حجر : عطية بن سعيد بن جنادة العوفي الجدلي الكوفي أبو الحسن صدوق ، قال ابن عدي : قد روى عن جماعة من الثقات ، توفّي سنة إحدى عشرة ومائة ، قال ابن سعد : خرج عطية مع ابن الأشعث فكتب الحجّاج إلى محمد بن القاسم أن يعرض عليه سبّ علي ـ إلى
__________________
(١) ابن ماجة ، السنن ١ : ٢٥٦ / ٧٧٨ ؛ الإمام أحمد ، المسند ٣ : ٢١.