أ ـ العبادة ضرب من الخضوع بالِغٌ حدَّ النهاية.
ب ـ ناشئ عن استشعار القلب عظمة المعبود ، لا يعرف منشأها.
ج ـ واعتقاده بسلطة لا يُدرَك كنهها وماهيّتها (١).
يلاحظ على هذا التعريف :
أوّلاً : أنّ التعريف غير جامع ، وذلك لأنّه إذا كان مقوّم العبادة ، الخضوعَ البالغَ حدّ النهاية فلا يشمل العبادة الفاقدة للخشوع والخضوع التي يؤدّيها أكثر المتساهلين في أمر الصلاة ، وربما يكون خضوع الجندي لقائده أشدّ من هؤلاء المتساهلين الذين يتصوّرون الصلاة عبادة وجهداً.
وثانياً : ما ذا يريد من قوله : «عن استشعار القلب عظمة المعبود لا يعرف منشأها»؟ فهل يعتقد أنّ الأنبياء كانوا يستشعرون عظمة المعبود ولكن لا يعرفون منشأها. مع أنّ غيرهم يستشعر عظمة المعبود ويعرف منشأها ، وهو أنّه سبحانه : الخالق البارئ ، المصوّر ، أو أنّه سبحانه هو الملك القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبّر.
وثالثاً : ما ذا يريد من قوله : «واعتقاده بسلطة لا يدرك كنهها وماهيتها»؟.
فإن أراد شرطية هذا الاعتقاد في تحقّق العبادة ، فلازم ذلك عدم صدقها على عبادة الأصنام والأوثان ، فإنّ عُبّاد الأوثان يعبدونها وكانوا يعتقدون بكونهم شفعاء عند الله سبحانه فقط لا أنّ لهم سلطة لا يدرك كنهُها وماهيّتُها.
٢ ـ نظرية الشيخ شلتوت ، زعيم الأزهر
وقد عرّف شيخ الأزهر الأسبق العبادة بنفس ما عرّفها صاحب المنار ، ولكنّه يختلف عنه لفظاً ويتّحد معه معنىً ، فقال : العبادة خضوع لا يحدُّ ، لعظمة لا تحد (٢).
__________________
(١) تفسير المنار ١ : ٥٧.
(٢) تفسير القرآن الكريم : ٣٧.