بدعة «جعل السلف معياراً للحق والباطل»
إنّ من البدعة في تفسيرها ، هو جعل السلف معياراً للحقّ والباطل والإصرار عليه ، فترى أنّ كثيراً ممّن ينتمون إلى السلفية يصفون كثيراً من الأُمور بالبدعة بحجّة أنّها لم تكن في عصر الصحابة والتابعين ، وهذا ابن تيمية يصف «الاحتفال في مولد النبي بدعة بحجّة أنّه لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً ، لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحقّ منّا فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله وتعظيماً له منّا وهم على الخير أحرص» (١).
ويقول في حقّ القيام للمصحف وتقبيله : «لا نعلم فيه شيئاً مأثوراً عن السلف»(٢).
وقد ورث هذه الفكرة كثير ممّن يؤمن بمنهجه. وهذا هو عبد الله بن سليمان بن بُليهد الذي قام باستفتاء علماء المدينة بتخريب قباب الصحابة وأئمة أهل البيت في بقيع الغرقد عام ١٣٤٤ ه وقد نشر مقالاً في جريدة أُمّ القرى في عدد جمادى الآخر سنة ١٣٤٥ ه جاء فيه : لم نسمع في خير القرون أنّ هذه البدعة (البناء على القبور) حدثت فيها بل بعد القرون الخمسة (٣).
وبدورنا نشكر الشيخ ابن بليهد حيث وسع الأمر على المسلمين وأدخل عليها قرنين آخرين بعد ما قصر مؤلف الهدية السنية العصمة على أهل القرون الثلاثة الأُولى ، ولكن نهيب بصاحب المقال بأنّ المسلمين وفي مقدمتهم عمر بن
__________________
(١) اقتضاء الصراط المستقيم : ص ٢٧٦.
(٢) الفتاوي الكبرى ١ : ١٧٦.
(٣) كشف الارتياب : ص ٣٥٧ ـ ٣٥٨.