على وفقه ، فمن رفضه اعتقاداً أو خالفه عملاً فهو مشرك وليس بمسلم.
إنّه سبحانه يركّز على أنّ الهدف من وراء بعث الأنبياء هو دعوة الناس إلى التوحيد في العبادة ، ونبذ عبادة الطاغوت ، يقول سبحانه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (١).
إنّه سبحانه جعل التوحيد في العبادة أصلاً مشتركاً بين الشرائع السماويّة التي أنزلها على المصطفين من عباده ، وأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يدعو أهل الكتاب إلى كلمة سواء بينه وبينهم ألا وهي التوحيد في العبادة ، وقال : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (٢).
إنّ الحدّ الفاصل بين الموحد والمشرك هو أنّ الموحّد يستبشر بذكر الله سبحانه خلافاً للمشرك الذي يستبشر بذكر غيره.
قال سبحانه : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (٣).
نعم هذا هو حال المشرك فهو يستكبر عن عبادته سبحانه ، كما يقول تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (٤).
فعلى ضوء ذلك فلا اختلاف بين المسلمين في التوحيد في العبادة ، وهو أصل اتّفقت عليه كافّة مذاهبهم ، غير أنّ هناك موضوعات ربّما يتصوّر أنّها من مقولة العبادة لغيره سبحانه أو من مصاديق البدعة ، فهذا وذاك دعانا إلى طرح
__________________
(١) النحل : ٣٦.
(٢) آل عمران : ٦٤.
(٣) الزمر : ٤٥.
(٤) الصافات : ٣٥.