اختلاف الأُمّة في درجات حبّهم للنبيّ صلىاللهعليهوآله
وليست الأُمّة المؤمنة في ذلك شرعاً سواء ، بل هم فيه متفاوتون على اختلاف درجات عرفانهم به كاختلافهم في حبّ الله تعالى.
قال القرطبي : «كلّ من آمن بالنبيّ صلىاللهعليهوآله إيماناً صحيحاً لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبّة الراجحة ، غير أنّهم متفاوتون ؛ فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظّ الأوفى ، ومنهم من أخذ منها بالحظّ الأدنى ، كمن كان مستغرقاً في الشهوات ، محجوباً في الغفلات في أكثر الأوقات ، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده ، ويبذل نفسه في الأُمور الخطيرة ، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردّد فيه» (١).
مظاهر الحبّ في الحياة
إنّ لهذا الحبّ مظاهر ؛ إذ ليس الحبّ شيئاً يستقرّ في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرّفاته ، بل إنّ من خصائص الحبّ أن يظهر أثره على جسم الإنسان وملامحه ، وعلى قوله وفعله ، بصورة مشهودة وملموسة.
فحبّ الله ورسوله الكريم لا ينفكّ عن اتّباع دينه ، والاستنان بسنّته ، والإتيان بأوامره والانتهاء عن نواهيه ، ولا يعقل أبداً أن يكون المرء محبّاً لرسول الله صلىاللهعليهوآله أشدَّ الحبّ ، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه ولا يرضيه ، فمن ادّعى حبّاً في نفسه وخالفه في
__________________
(١) فتح الباري ١ : ٥٠ ـ ٥١.