السؤال الثاني : الشفيع ميّت وهو لا يسمع؟
هذا هو السؤال الثاني الذي ربّما يُطرَح في المقام ، وهو أيضاً جديرٌ بالدراسة ، ولكنّه في التحقيق صورةٌ صغيرة من السؤال السابق ، فالتركيز ـ هنا ـ على خصوص عدم السماع ، ولكنّه في السابق على معنىً أعم وهو عدم الاستطاعة على شيء سماعاً كان أو غيره.
ونقول : ربما يقال : ظاهر الذكر الحكيم على أنّ الموتى لا يسمعون ، حيث شبّه المشركين بهم. ووجه الشبه هو عدم السماع. قال : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (١) ، فالآية تصف المشركين بأنّهم أموات وتشبِّهُهُم بها ، ومن المعلوم أنّ صحة التشبيه تتوقّف على وجود وجه الشبه في المشبَّه به بوجهٍ أقوى وليس وجه الشبه إلّا أنّهم لا يسمَعون ، فعند ذلك تُصبح النتيجة : إنّ الأموات مطلقاً غير قابلين للإفهام ، ويدل على ذلك أيضاً قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢).
ووجه الدلالة في الآيتين واحد.
على هامش السؤال
القرآن الكريم منزّه عن التناقض والاختلاف وكيف لا يكون كذلك وهو يقول : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٣) وهو يصرّح في
__________________
(١) النمل : ٨٠.
(٢) فاطر : ٢٢.
(٣) النساء : ٨٢.