يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (١) ذكر سبحانه عظيم قدرته ، حيث خلق البحرين ، العذب والمالح يلتقيان ثمّ لا يختلط أحدهما بالآخر لوجود حاجز بينهما.
والثاني : لفظة «وراء» وهو في الآية بمعنى أمام ، ومعنى قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أي : من أمامهم وقدّامهم.
قال سبحانه : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) (٢).
والاستدلال بهذه الآية من وجهين :
١ ـ إنّ الإنسان المذنب يرى حين الموت ما أُعدّ له في مستقبل أمره من عذاب أليم ، ولأجل ذلك يطلب من ملائكة الله أن يرجعوه إلى عالم الدنيا ، حتى يتدارك ما فاته ويتلافى ما فرّط ، وإلى هذا يشير قوله سبحانه : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).
٢ ـ إنّ قوله تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) تصريح لا غموض فيه بوجود حياة متوسطة بين الموت والبعث ، وإنّما سميت برزخاً لكونها حائلاً بين الدنيا والآخرة ، ولا تتحقق الحيلولة إلّا بأن يكون للإنسان واقعية في هذا الحدّ الفاصل ؛ إذ لو كان الإنسان بين هاتين الفترتين معدوماً لما صحّ أن يقال بين الحالتين برزخٌ ، وهو حائل وفاصل بين الإنسان في الدنيا والإنسان في الآخرة.
الآية السابعة
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ
__________________
(١) الرحمن : ١٩ ـ ٢٠.
(٢) الكهف : ٧٩.