إلّا أنّ الآية اللاحقة لهذه الآية تصرّح بوجود الشفاعة عند الله سبحانه ، إلّا أنّها مشروطة بإذنه : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١).
قال العلّامة الطباطبائي : «إنّ لوازم المخالّة إعانة أحد الخليلين الآخر في مهام أُموره ، فإذا كانت لغير وجه الله كان نتيجتها الإعانة على الشقوة الدائمة والعذاب الخالد كما قال تعالى بشأن الظالمين يوم القيامة : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ٢٨ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) (٢). أمّا الأخلّاء من المتقين فإنّ خُلَّتهم تتأكد وتنفعهم يومئذٍ. وفي الخبر النبوي : إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلّت الأنساب وذهبت الإخوة إلّا الأخوة في الله ، وذلك قوله : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)(٣) (٤).
وعلى ذلك ، فكما أنّ المنفيّ هو قسم خاص من المخالة دون مطلقها ، فهكذا الشفاعة ، فالمنفيّ بحكم السياق ، قسم خاص من الشفاعة. أضف إلى ذلك أنّ الظاهر هو نفي الشفاعة في حق الكفّار بدليل ما ورد في ذيل الآية ، حيث قال : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
٢ ـ الصنف الثاني : ما يفنّد عقيدة اليهود في الشفاعة
وهو الآيات التي خاطبت اليهودَ الذين كانوا يعتقدون بأنّ أنبياءهم وأسلافهم يشفعون لهم وينجُّوهم من العذاب سواء كانوا عاملين بشريعتهم أو عاصين ، وأنّ مجرد الانتماء والانتساب يكفيهم في ذلك المجال. يقول تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ
__________________
(١) البقرة : ٢٥٥.
(٢) الفرقان : ٢٨ ـ ٢٩.
(٣) الزخرف : ٦٧.
(٤) تفسير الميزان ١٨ : ١٢٨.