المشكلة عن طريق الرجوع ، أو العقد في العدّة.
ثانياً : الاستدلال بالسنّة :
تعرّفت على قضاء الكتاب في المسألة ، وأمّا حكم السنّة ، فهي تعرب عن أنّ الرسول كان يعدّ مثل هذا الطلاق لعباً بالكتاب.
١ ـ أخرج النسائي عن محمود بن لبيد قال : أُخبر رسول الله عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام غضبانَ ثمّ قال : «أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم»؟ حتّى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله؟ (١).
إنّ محمود بن لبيد صحابيّ صغير وله سماع ، روى أحمد باسناد صحيح عنه قال : أتانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فصلّى بنا المغرب في مسجدنا فلمّا سلّم منها ... (٢).
ولو سلمنا عدم سماعه كما يدّعيه ابن حجر في فتح الباري (٣) فهو صحابيّ ومراسيل الصحابة حجّة بلا كلام عند الفقهاء ، أخذاً بعدالتهم أجمعين.
٢ ـ روى ابن إسحاق عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : طلّق ركانة زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله رسول الله : «كيف طلّقتها»؟ قال : طلقتها ثلاثاً في مجلس واحد. قال : إنّما تلك طلقة واحدة فارتجعها (٤).
والسائل هو ركانة بن عبد يزيد ، روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن
__________________
(١) النسائي ، السنن ٦ : ١٤٢ ؛ الدر المنثور ١ : ٢٨٣.
(٢) أحمد بن حنبل ، المسند ٥ : ٤٢٧.
(٣) فتح الباري ٩ : ٣١٥ ، ومع ذلك قال : رجاله ثقات ، وقال في كتابه الآخر بلوغ المرام : ص ٢٢٤ : رواته موثّقون ، ونقل الشوكاني في نيل الأوطار ٧ : ١١ عن ابن كثير أنّه قال : إسناده جيد ، انظر «نظام الطلاق في الإسلام» للقاضي أحمد محمد شاكر : ص ٣٧.
(٤) بداية المجتهد ٢ : ٦١. ورواه آخرون كابن قيم في إغاثة اللهفان : ١٥٦ ، والسيوطي في الدرّ المنثور ١ : ٢٧٩ وغيرهم.