تعقد؟! (١)
٣ ـ قوله سبحانه : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)
إنّ قوله سبحانه : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ، وارد في الطلاق الّذي يجوز فيه الرجوع (٢). ومن جانب آخر دلّ قوله سبحانه : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)(٣). على أنّ الواجب في حقّ هؤلاء هو الاعتداد وإحصاء العدّة ، من غير فرق بين أن نقول : إنّ «اللام» في «عدتهن» للظرفية بمعنى «في عدّتهنّ» أو بمعنى الغاية ، والمراد لغاية أن يعتددنَ ؛ إذ على كلّ تقدير يدلّ على أنّ من خصائص الطلاق الذي يجوز فيه الرجوع ، هو الاعتداد وإحصاء العدّة ، وهو لا يتحقّق إلّا بفصل الأوّل عن الثاني ، وإلّا يكون الطلاق الأوّل بلا عدّة وإحصاء ولو طلّق اثنتين مرّة. ولو طلّق ثلاثاً يكون الأوّل والثاني كذلك.
وقد استدلّ بعض أئمّة أهل البيت بهذه الآية على بطلان الطلاق ثلاثاً :
روى صفوان الجمّال عن أبي عبد الله عليهالسلام : أنّ رجلاً قال له : إنّي طلّقت امرأتي ثلاثاً في مجلس؟ قال : «ليس بشيء» ، ثمّ قال : «أما تقرأ كتاب الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) ـ إلى قوله سبحانه ـ (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) ثمّ قال : كلّ ما خالف كتاب الله والسنّة فهو يردّ إلى كتاب الله والسنّة» (٤).
أضف إلى ذلك : أنّه لو صحّ التطليق ثلاثاً فلا يبقى لقوله سبحانه : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) فائدة ، لأنّه يكون بائناً ويبلغ الأمر إلى ما لا تحمد عقباه ، ولا تحلّ العقدة إلّا بنكاح رجل آخر وطلاقه مع أنّ الظاهر أنّ المقصود حلّ
__________________
(١) السنن الكبرى ٧ : ٣٢١.
(٢) فخرج الطلاق البائن كطلاق غير المدخولة ، وطلاق اليائسة من المحيض الطاعنة في السن وغيرهما.
(٣) الطلاق : ١.
(٤) قرب الاسناد : ص ٣٠ ؛ ورواه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ج ١٥ ، الباب ٢٩ ، الحديث ٢٥ ، من أبواب مقدّمات الطلاق.