ترادف الإله ولفظ الجلالة
إنّ الدليل الواضح على أنّ الإله يرادف لفظ الجلالة ولكن يفترق عنها بالجزئية والكلّية الأُمور التالية :
أ ـ وحدة المادّة ؛ إذ الأصل للفظ الجلالة هو الإله ، فحذفت الهمزة وعوّض اللام ، ولذلك قيل في النداء : «يا الله ، بالقطع كما يقال : يا إله» (١).
ب ـ الآيات التي استدلّ فيها على وحدة الإله صريحة في أنّ المراد من الإله هو المتصرّف المدبّر ، أو من بيده أزمّة الأُمور أو ما يقرب من ذلك ، ولا يصحّ تفسير الإله بالمعبود وإلّا لفسد الاستدلال ، وإليك الآيات الواردة في ذلك المجال :
١ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٢) فإنّ البرهان على نفي تعدّد الآلهة لا يتمّ إلّا إذا جعلنا «الإله» في الآية بمعنى المتصرّف المدبّر أو من بيده أزمّة الأُمور أو ما يقرب من هذين ، ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان لبداهة تعدّد المعبودين في هذا العالم ، مع عدم فساد النظام الكوني وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحمة بالآلهة بل ومركزها مع انتظام العالم وعدم فساده.
وعندئذ يجب على من يجعل «الإله» بمعنى المعبود أن يقيّده بلفظ «بالحق» أي لو كان فيهما معبودات ـ بالحقّ ـ لفسدتا ، ولمّا كان المعبود بالحقّ مدبراً أو متصرّفاً لزم من تعدّده فساد النظام ، وهذا كلّه تكلّف لا مبرّر له.
٢ ـ (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٣).
ويتمّ هذا البرهان أيضاً لو فسّرنا الإله بما ذكرنا من أنّه كلّيّ ما يطلق عليه لفظ
__________________
(١) الكشاف ١ : ٣٠.
(٢) الأنبياء : ٢٢.
(٣) المؤمنون : ٩١.