والشقاء ، ولا يشذّ عن علمه شيء. وكم في التاريخ الإسلامي من شواهد واضحة على هذا السبب (١).
٢ ـ اتّباع الهوى
إنّ استعراض تاريخ المتنبّئين الذين ادّعوا النبوّة عن كذب ودجل ، يثبت بأنّ الأهواء وحبّ الظهور والصدارة كان له دور كبير في نشوء هذه الفكرة وظهورها على صعيد الحياة ، والمبتدع وإن لم يكن متنبِّئاً ، إلّا أنّ عمله شعبة من شعب التنبّؤ ، وفي الروايات إشارات وتصريحات إلى ذلك. فقد خطب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام الناس فقال : «أيّها الناس إنّما بدءُ وقوع الفتن أهواء تُتَّبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، يتولّى فيها رجال رجالاً ... (٢).
إنّ لحبّ الظهور دوراً كبيراً في الحياة الإنسانية ، فلو كانت هذه الغريزة جامحة لأدّت بالإنسان إلى ادّعاء مقامات ومناصب تختصّ بالأنبياء ، ولعلّ بعض المذاهب الظاهرة بين المسلمين في القرون الأُولى كانت ناشئة عن تلك الغريزة.
روى ابن أبي الحديد في شرح النهج أنّ عليّاً مرّ بقتلى الخوارج فقال : «بؤساً لكم لقد ضرّكم من غرّكم» ، فقيل : ومن غرّهم؟ فقال : «الشيطان المضلّ ، والنفس الأمّارة بالسّوء ، غرّهم بالأماني وفسحت لهم في المعاصي ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار»(٣).
__________________
(١) لاحظ السيرة النبوية لابن هشام ٢ : ٣١٦ ـ ٣١٧ ، صلح الحديبية.
(٢) الكافي ١ : ٤٥ / ١ باب البدع.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٩ : ٢٣٥.