لآياتٍ لِقومٍ يتَفكَّرون) (١).
توضيح الاستدلال يتوقف على التمعّن في أمرين :
١ ـ المراد بالأنفس هي الأرواح المتعلّقة بالأبدان لا مجموعهما ؛ لأنّ المقبوض عند الموت ليس هو المجموع ، بل المقبوض هو الروح ، والآية تدلّ على أنّ الأنفس تغاير الأبدان حيث تفارقها وتستقلّ عنها وتبقى بحيالها.
٢ ـ أنّ لفظة «يتوفّى» و «يمسك» و «يرسل» تدلّ على أنّ هناك جوهراً غير البدن المادّي في الكيان الإنساني ، يتعلّق به كل من «التوفّي» و «الإمساك» و «الإرسال» وليس المراد من التوفّي في الآية إلّا أخذ الأنفس وقبضها ، ومعناها أنّه سبحانه يقبض الأنفس إليه ، وقت موتها ومنامها ، بيد أنّ من قضى عليه بالموت يمسكها إلى يوم القيامة ولا تعود إلى الدنيا ، ومن لم يقض عليه به يرسلها إلى الدنيا إلى أجل مسمّى ، فأيّة دلالة أوضح من قوله أنّه سبحانه يمسك الأنفس ، فهل يمكن إمساك المعدوم أو أنّه يتعلّق بالأمر الموجود؟ وليس ذلك إلّا الأنفس.
الآية الثانية
قوله سبحانه : (ولا تَقولُوا لِمَنْ يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أمواتٌ بَلْ أحياءٌ ولكنْ لا تَشعُرون) (٢).
وقد جاء في أسباب نزولها ، أنّ المشركين كانوا يقولون : إنّ أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله يقتلون أنفسهم في الحروب بغير سبب ثمّ يموتون فيذهبون ، فأعلمهم الله أنه ليس
__________________
(١) الزمر : ٤٢.
(٢) البقرة : ١٥٤.