يظهر ممّا رواه الطبري وغيره أنّهم كانوا مشركين في مسألة التقنين ، روي عن الضحاك: (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ) أي قرّاءهم وعلماءهم (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) يعني سادة لهم من دون الله ، يُطيعونهم في معاصي الله ، فيُحلّون ما أحلّوه لهم ممّا قد حرّمه الله عليهم ، ويُحرّمون ما يحرّمونه عليهم ممّا قد أحلّه الله لهم.
وروي أيضاً عن عدي بن حاتم قال : انتهيت إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو يقرأ في سورة براءة: (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) قال : قلت : يا رسول الله إنّا لسنا نعبدهم ، فقال : «أليس يُحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه ، ويُحلّون ما حرّم الله فتحلّونه؟» قال : قلت : بلى ، قال : «فتلك عبادتهم» (١).
البدعة في السنّة
روى الفريقان عن النبيّ صلىاللهعليهوآله حول البدعة والتشديد عليها روايات كثيرة نقتبس منها ما يلي :
١ ـ روى الإمام أحمد عن جابر قال : خطبنا رسول الله فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له ثمّ قال : «أمّا بعد فانّ أصدقَ الحديث كتاب الله ، وإنّ أفضل الهدى هدى محمّد ، وشرّ الأُمور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة» (٢).
٢ ـ روى أيضاً عن جابر قال : كان رسول الله يقوم فيخطب فيحمد الله ويُثني عليه بما هو أهله ويقول : «من يهدِ الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، إنّ خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هَديُ محمد صلىاللهعليهوآله وشرّ الأُمور محدثاتها ، وكلّ محدثة بدعة»(٣).
٣ ـ روى أيضاً عن عرباض بن سارية قال : صلّى بنا رسول الله الفجر ثمّ أقبل
__________________
(١) الطبري ، التفسير ١٠ : ٨٠ ـ ٨١.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٣١٠ بيروت ، دار الفكر.
(٣) المصدر نفسه : ص ٣٧١.