وقد فُسّرت الآية بأهل الضلالة وأصحاب الشبهات والبدع من هذه الأُمّة. قال الطبرسي : «ورواه أبو هريرة وعائشة مرفوعاً ، وهو المروي عن الباقر عليهالسلام ، جعلوا دين الله أدياناً لإكفار بعضهم بعضاً وصاروا أحزاباً وفِرَقاً ، ويخاطب سبحانه نبيّه بقوله : (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) وإنّه على المباعدة التامّة من أن يجتمع معهم في معنى من مذاهبهم الفاسدة ، وليس كذلك بعضهم مع بعض ؛ لأنّهم يجتمعون في معنى من معانيهم الباطلة ، وإن افترقوا في شيء فليس منهم في شيء ؛ لأنّه بريءٌ من جميعهم» (١).
٣ ـ (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) (٢).
والآية بعموم لفظها تبيّن أنواع النُّذُر التي أنذر الله بها عباده ، فتبدأ من بعث العذاب من فوق ، إلى بعثه من تحت الأرجل ، وتنتهي بتمزيق الجماعة إلى شيع ، فتفرّق الأُمّة إلى فرق وشِيَع يعادل إنزال العذاب عليها من كلّ جهاتها. قال الحسن البصري : «التهديد بإنزال العذاب والخسف يتناول الكفّار ، وقوله : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) يتناول أهل الصلاة» (٣).
وقال مجاهد وأبو العالية : إنّ الآية لأُمّة محمد صلىاللهعليهوآله ، أربع ؛ ظهر اثنتان بعد وفاة رسول الله فأُلبسُوا شِيعاً وأُذيق بعضكم بأس بعض وبقيت اثنتان (٤).
٤ ـ (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٣٨٩.
(٢) الأنعام : ٦٥.
(٣) المصدر نفسه ٢ : ٣١٥.
(٤) الاعتصام ٢ : ٦١.
(٥) التوبة : ٣١.