وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) فقوله «عزَّروه» بمعنى أكرموه.
فإذا كان رصيد استجابة الدعاء هو شخصيته الفذّة المثالية ، ومنزلته عند الله فالأولى أن يتوسّل بها الإنسان كما يتوسّل بدعائه ، فمن اعترف بجواز الأوّل ومنع الثاني فقد فرّق بين أمرين متلازمين ، وما دعاهم إلى التفريق بينهما إلّا صيانة لمعتقدهم.
وبدورنا نغض النظر عن هذا الدليل ونذكر ما ورد في السنّة النبوية مروياً عن طريق صحيح أقرّ به الأقطاب من أهل الحديث.
توسل الضرير بنبيّ الرحمة
عن عثمان بن حنيف أنّه قال : إنّ رجلاً ضريراً أتى النبي فقال : ادعُ الله أن يعافيني فقال صلىاللهعليهوآله : «إن شئتَ دعوتُ وإن شئتَ صبرتَ وهو خير».
قال : فادعه ، قال : فأمره أن يتوضّأ فيُحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : «اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبي الرحمة ، يا محمد إنّي أتوجه بك إلى ربّي في حاجتي لتُقضى ، اللهمّ شفّعه فيَّ».
قال ابن حنيف : فو الله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ (٢).
إنّ الاستدلال بالرواية مبني على صحّتها سنداً وتمامية دلالتها مضموناً.
أمّا الأوّل : فلم يناقش في صحّتها إلّا الجاهل بعلم الرجال ، حتى أنّ ابن تيمية
__________________
(١) الأعراف : ١٥٧.
(٢) الترمذي ، الصحيح كتاب الدعوات ، الباب ١١٩ ، برقم ٣٥٧٨ ؛ وسنن ابن ماجة ١ : ٤٤١ برقم ١٣٨٥ ؛ مسند أحمد ٤ : ١٣٨ إلى غير ذلك من المصادر وسيأتي في المتن نصوصهم حول وصف الحديث.