قال : قد روى الترمذي حديثاً صحيحاً عن النبي أنّه علّم رجلاً أن يدعو فيقول : اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك. وروى النسائي نحو هذا الدعاء» (١).
وقال الترمذي : هذا حديث حق حسن صحيح.
وقال ابن ماجة : هذا حديث صحيح.
وقال الرفاعي : لا شك أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور (٢).
وبعد ذلك فلم يبق لأحد التشكيك في صحّة سند الحديث إنّما الكلام في دلالته وإليك البيان :
إنّ الحديث يدل بوضوح على أنّ الأعمى توسّل بذات النبي بتعليم منه صلىاللهعليهوآله والأعمى وإن طلب الدعاء من النبي الأكرم في بدء الأمر إلّا أنّ النبي علّمه دعاء تضمن التوسّل بذات النبي ، وهذا هو المهم في تبيين معنى الحديث.
وبعبارة ثانية : أنّ الذي لا ينكر عند الإمعان في الحديث أمران :
الأوّل : أنّ الرجل طلب من النبي صلىاللهعليهوآله الدعاء ولم يظهر منه توسّل بذات النبي.
الثاني : أنّ الدعاء الذي علّمه النبي ، تضمّن التوسّل بذات النبي بالصراحة التامة ، فيكون ذلك دليلاً على جواز التوسّل بالذات.
وإليك الجمل والعبارات التي هي صريحة في المقصود.
١ ـ اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك :
إنّ كلمة «بنبيّك» متعلقة بفعلين هما «أسألك» و «أتوجّه إليك» والمراد من النبي صلىاللهعليهوآله نفسه القدسية وشخصيته الكريمة لا دعاؤه.
وتقدير كلمة «دعاء» قبل لفظ «بنبيّك» حتى يكون المراد هو «أسألك بدعاء نبيّك أو أتوجّه إليك بدعاء نبيّك» تحكّم وتقدير بلا دليل ، وتأويل بدون مبرّر ، ولو
__________________
(١) مجموعة الرسائل والمسائل ١ : ١٣.
(٢) التوصل إلى حقيقة التوسّل : ص ١٥٨.