على ما لم يشتمل عليه الإجمال من تحريمها عليه حتّى تنكح زوجاً غيره. فلو طلّقها الزوج الثاني عن اختياره فلا جناح عليهما أن يتراجعا بالعقد الجديد إن ظنّا أن يُقيما حدود الله ، فأين هذه التفاصيل من قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
وبذلك يعلم أنّه لا يلزم أن يكون قوله : (فَإِنْ طَلَّقَها) طلاقاً رابعاً.
وقد روى الطبري عن أبي رزين أنّه قال : أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله رجل فقال : يا رسول الله أرأيت قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) فأين الثالثة؟ قال رسول الله : (إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ) هي الثالثة» (١).
نعم الخبر مرسل وليس أبو رزين الأسدي صحابياً بل تابعي.
وقد تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت أنّ المراد من قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) هي التطليقة الثالثة (٢).
إلى هنا تمّ تفسير الآية وظهر أنّ المعنى الثاني لتخلّل لفظ «الفاء» أظهر بل هو المتعيّن بالنظر إلى روايات أئمّة أهل البيت.
بقي الكلام في دلالة الآية على بطلان الطلاق ثلاثاً بمعنى عدم وقوعه بقيد الثلاث ، وأمّا وقوع واحدة منها فهو أمر آخر ، فنقول :
الاستدلال على بطلان الطلاق ثلاثاً
إذا عرفت مفاد الآية ، فاعلم أنّ الكتاب والسنّة يدلّان على بطلان الطلاق ثلاثاً ، وأنّه يجب أن يكون الطلاق واحدة بعد الأُخرى ، يتخلّل بينهما رجوع أو نكاح ، فلو طلّق ثلاثاً مرّة واحدة. أو كرّر الصيغة فلا تقع الثلاث. وأمّا احتسابها
__________________
(١) الطبري ، التفسير ٢ : ٢٧٨.
(٢) البرهان ١ : ٢٢١. وقد نقل روايات ستّ في ذيل الآية.