من الله سبحانه خاصة ، ويوضح ذلك قوله سبحانه : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (١) ، فقد عبّر عن العبادة في الآية بلفظ الدعوة في صدرها وبلفظ العبادة في ذيلها ، وهذا يكشف عن وحدة التعبيرين في المعنى. وقد ورد قوله صلىاللهعليهوآله : «الدعاء مخّ العبادة».
على هامش السؤال
لا أظن أنّ أحداً على وجه البسيطة يجعل الدعاء مرادفاً للعبادة. وإلّا لم يمكن تسجيل أحد من الناس ـ حتى الأنبياء ـ في ديوان الموحدين ، فلا بد أن يقترن بالدعاء شيءٌ آخر ، ويصدر الدعاء عن عقيدة خاصة في المدعوّ وإلّا فمجرّد دعوة الغير حيّاً كان أو ميتاً ، لا يكون عبادة له.
هل ترى أنّ الشاعرة التي تخاطب شجر الخابور بقولها :
أيا شجر الخابور ما لك مورِقا |
|
كأنّك لم تجزع على ابن طريف |
أنّها عبدته؟ كلّا ثمّ كلّا.
إنّ العمل لا يتّسم بالعبادة إلّا إذا كانت في نية الداعي عناصر تضفي عليه صفة العبادة وحدّها ؛ وهو الاعتقاد بألوهية المدعو وربوبيته وإنّه المالك لمصيره في عاجله وآجله ، وإن كان مخلوقاً أيضاً. والمراد من الدعاء في قوله تعالى : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) ليس مطلق دعوة الغير ، بل الدعوة الخاصة المضيّقة المترادفة للعبادة ، ويدلّ عليه قوله سبحانه في نفس هذه الآية : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ).
وما ورد في الحديث من «أنّ الدعاء مُخُّ العبادة» فليس المراد منه مطلق الدعاء ، بل المراد دعاء الله مخ العبادة. كما أنّ ما ورد في الروايات من أنّه : من أصغى إلى ناطق فقد عَبَدَه ، فإنْ كان ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان ينطق عن غير
__________________
(١) غافر : ٦٠.