خاتمة
تذكرة وإنذار
إنّ لزيارة العظماء والقدّيسين ؛ أصحاب الرسالات آثاراً ايجابيةً تعود تارة إلى الزائر ، وأُخرى إلى المزور.
أمّا الأُولى : فلأنّ الزيارة صلة بين الكامل ومن يروم الكمال ، فالدوام على مواصلته محاولة للتخلّق بأخلاقه ، واتّباعِ منهجه وتجديد العهد معه ، ولذلك لا تجد إنساناً وَقف أمام قبر النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله وزاره إلّا ويتأثّر بشخصه وشخصيّته ، وإن كان التأثّر قليلاً مؤقّتاً ، فزيارتهم تقترن غالباً بذرف الدموع ، والعطف والحنان على المزور ؛ وهي لا تنفكّ عن تحوُّل نفسيّ وأخلاقيّ وحبّ ووُدٍّ لهم ، وبالتالي شعوره بقربه منهم ، ومشاطرته لأهدافهم ، إلى غير ذلك من الآثار الإيجابية الّتي تعود على الزائر والّتي أشرنا إليها في تمهيدنا الّذي تصدّرت هذه الرسالة به ، ولا نعود إلى تلك الآثار التي تعود إلى الزائر.
أمّا الثانية : أعني الآثار الإيجابية التي تعود إلى المزور فهذا هو المقصود في بياننا ، وهو أنّ زيارة العظماء هي تخليد لذكراهم ، وتجسيد لرسالاتهم في الأذهان ، وبالتالي تكون سبباً لبقائهم أحياءً في كلّ عصر وقرن ، لا يتسرّب إلى وجودهم ورسالاتهم وبطولاتهم أدنى ريبٍ وشكٍّ ، فبذلك يتجلّى المزور في كلّ زمان حيّاً في القلوب وفي المجتمع ، كما لو كان موجوداً بشخصه في زمن الزائر ، فكأنَّ الزيارةَ استمرار لبقائهم في القلوب تُجلي الصدأ عنها ، وتتجلّى صحة وجودهم للخلف كما تجلّت للسلف ، وتكون بمنزلة الدليل على وجودهم ورسالاتهم وبطولاتهم.
فلو حذفنا الزيارة من قاموس حياتنا ، وتركنا مزارهم ، وأقفلنا أبواب بيوتهم ، ولم نهتمّ بآثارهم طوالَ قرون ، فقد جعلنا آثارهم في مهبِّ الفناء والتدمير ،