وتدلّ على وجود الصلة بين الحياتين بهذا المعنى ، مجموعة من الآيات وقسم وافر من الروايات نأتي في المقام بصريحهما ، حتى يُزال الشك عن المرتاب.
القرآن الكريم والصلة بين الحياتين
١ ـ النبيّ صالح يكلّم قومه بعد هلاكهم :
أخبر الله تعالى في القرآن الكريم عن النبيّ صالح عليهالسلام أنّه دعا قومه إلى عبادة الله ، وترك التعرّض لمعجزته (الناقة) وعدم مسّها بسوءٍ ، ولكنّهم عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربّهم:
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (١).
ترى أنّ الله تعالى يخبر على وجه القطع والبتّ بأنّ الرجفة أهلكت أُمّة صالح عليهالسلام فأصبحوا في دارهم جاثمين ، وبعد ذلك يخبر أنّ النبيّ صالحاً تولّى عنهم ثمّ خاطبهم قائلا : (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).
والخطاب صدر من صالح لقومه بعد هلاكهم وموتهم بشهادة جملة «فتولّى» المصدرة بالفاء المشعرة بصدور الخطاب عقيب هلاك القوم.
ثمّ إنّ ظاهر قوله : (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) ، يفيد أنّهم بلغت بهم العنجهية أن كانوا لا يحبُّونَ النّاصحينَ حتى بعد هلاكِهِمْ.
٢ ـ النبي شعيب يخاطب قومه الهالكين :
لم تكن قصة النبيّ صالح هي القصة الوحيدة من نوعها في القرآن الكريم ، فقد
__________________
(١) الأعراف : ٧٨ ـ ٧٩.