الثالث : محاولة كتابة الصحيفة
هذا هو الخطّ الدفاعي الثالث الذي حاول الرسول وضعه لمكافحة دبيب البدعة ، وهنا نقتبس ما ذكره الإمام الشاطبي حرفياً ، يقول :
لقد كان عليه الصلاة والسلام حريصاً على أُلفتِنا وهدايتنا ، حتى ثبت من حديث ابن عباس رضى الله عنه .. أنه قال : لمّا حضر (١) النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهم ـ فقال : «هلمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده» فقال عمر : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله غلبه الوجع ، وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله!! واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله صلىاللهعليهوآله لن تضلّوا بعده ، وفيهم من يقول كما قال عمر ، فلمّا كثر اللغط والاختلاف عند النبي صلىاللهعليهوآله قال : «قوموا عنّي» فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب اختلافهم ولغطهم(٢).
الرابع : التعريف بالثقلين
إنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله نبّه الأُمّة وبيّن لها المرجع والملاذ بعد رحيله بقوله : «يا أيّها الناس ، إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (٣).
وقال صلىاللهعليهوآله : «إنّي تركت ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ؛ ولن يفترقا حتى يردا عليّ
__________________
(١) أَي حضرته الوفاة.
(٢) الاعتصام ٢ : ١٧١ ـ ١٧٢ ولاحظ صحيح البخاري.
(٣) كنز العمال ١ : ٤٤ ، أخرجه الترمذي والنسائي عن جابر.