الشبهة الأُولى : في تقسيم الزيارة إلى شرعية وبدعية
إنّ زيارة القبور على قسمين : زيارة شرعية ، وزيارة بدعية ؛ فالزيارة الشرعية يقصد بها السلام على الميّت والدعاء له إن كان مؤمناً ، وتذكّر الموت سواء أكان الميت مؤمناً أم كافراً. والزيارة لقبر المؤمن نبياً كان أو غير نبيّ من جنس الصلاة على جنازته ، يدعى له ، كما يدعى إذا صُلِّي على جنازته.
وأمّا الزيارة البدعية فمن جنس زيارة النصارى مقصودها الإشراك بالميت ، مثل طلب الحوائج منه أو به أو التمسّح بقبره أو تقبيله أو السجود له ونحو ذلك. فهذا كلّه لم يأمر الله به ورسوله ولا استحبّه أحد من المسلمين ، ولا كان أحد من السلف يفعله ، لا عند قبر النبيّ ولا غيره ، ولا يسألون ميتاً ولا غائباً سواء كان نبياً أو غير نبيّ بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئاً (١).
يلاحظ عليه : بأمرين :
١ ـ حصر الزيارة في قسمين مع أنّها ذات أقسام كما سنذكر.
٢ ـ إدخال الامور الجانبية ، كالاستغاثة والسؤال به أو منه في ماهية الزيارة مع أنّها ليست منها ، فصار هذا وذاك ذريعة لتبلور الشبهة لديه ولدى أتباعه. وها نحن نذكر معنى الزيارة وأقسامها ؛ ليتبيّن أنّ القسم الأخير الّذي يقصد فيها الإشراك لا يمت لزيارة المسلمين قبور أكابر الدين بصلة ، ولعلّ الغاية من ذكره دعم الشبهة في أذهان البسطاء.
فالزيارة في اللّغة هي العدول عن جانب والميل إلى جانب آخر ، قال ابن فارس : «الزور» أصل واحد يدلّ على الميل والعدول ، ومن هذا الباب الزائر ؛ لأنّه
__________________
(١) شفاء السقام : ص ١٢٤ ـ ١٢٥ ، نقلاً عن خط ابن تيمية.