وأنت إذا لاحظت ما سبق من الصحاح والحسان وما نذكره الآن تذعن لتواترها الإجمالي :
١ ـ توسّل الأعرابي بالنبي نفسه
روى جمع من المحدّثين أنّ أعرابياً دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ، ولا صغير يغط ، ثمّ أنشأ يقول :
أتيناك والعذراء تَدمى لبانها |
|
وقد شغلت أُمّ الصبي عن الطفل |
ولا شيء ممّا يأكل الناس عندنا |
|
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل |
وليس لنا إلّا إليك فرارنا |
|
وأين فرار الناس إلّا إلى الرسل؟ |
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله يجر رداءه حتى صعد المنبر ، فرفع يديه وقال : اللهمّ اسقنا غيثاً مغيثاً ... فما ردّ النبي يديه حتى ألفت السماء ... ثمّ قال : لله درّ أبي طالب ، لو كان حيّاً لقرّت عيناه. من ينشدنا قوله؟
فقام علي بن أبي طالب عليهماالسلام وقال : كأنّك تريد يا رسول الله قوله :
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
يطوف به الهلّاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أجل.
فأنشد علي عليهالسلام أبياتاً من القصيدة ، والرسول يستغفر لأبي طالب على المنبر ، ثمّ قام رجل من كنانة وأنشد يقول :
لك الحمد والحمد ممّن شكر |
|
سُقينا بوجه النبي المطر (١) |
__________________
(١) السيرة الحلبية ١ : ١١٦. لاحظ فتح الباري ٢ : ٤٩٤ ، والقصيدة مذكورة في السيرة النبوية لابن هشام ١ : ٢٧٢ ـ ٢٨٠