المبحث الخامس
البرزخيّون ينتفعون بأعمال المؤمنين
إذا كانت حقيقة الإنسان هو روحهُ ونفسه الباقية غير الداثرة ، وكانت الصلة بين الدارين (دار الدنيا ودار البرزخ) موجودة ، وكانت متعلقة بأجسام تناسبها وهم بين منعّم ومعذّب ، يقع الكلام في انتفاع أهل البرزخ بأعمال المؤمنين الموجودين في دار الدنيا إذا قاموا بالاستغفار لهم بأعمال نيابة عنهم ، وعدمه.
وقبل الدخول في صلب الموضوع لنا كلامٌ نقدّمه : هو أنّ الإيمان إنّما ينتفع به الإنسان إذا انضمّ إليه العمل الصالح ، ولا ينفع إيمان إذا خلا عنه ، ولأجل ذلك يذكر سبحانه العمل الصالح إلى جانب الإيمان في أكثر آيات الكتاب العزيز.
وقد أخطأت «المرجئة» لمّا زعموا أنّ الإيمان المجرّد وسيلة نجاة ومفتاح فلاح ، فقدّموا الإيمان وأخّروا العمل.
وقد فنَّد أهل البيت عليهمالسلام هذه الفكرة الباطلة حيث حذّروا الآباء ودعوهم إلى حفظ أبنائهم منهم : «بادروا أولادكم بالأدب قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة» (١).
فالاعتماد على الإيمان مجرداً عن العمل فعل النوكى والحمقى ، وهو لا يفيد
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٧ / ٥.