وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (١).
والاستدلال بالآية على بقاء الروح بعد فناء الجسد من طريقين :
أ ـ قوله (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) صريح في أنّ الملائكة تنتزع الروح من البدن ويعني هذا أنّ المتروك هو البدن ، وأمّا الروح فتؤخذ وتخرج من الجسد إخراجاً.
ب ـ إنّ ظاهر قوله : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) هو الإشارة إلى يوم الموت ، وساعته ، ولو كان الموت فناءً كاملاً للإنسان لما كان لهذه العبارة معنى ، إذ بعد فناء الإنسان فناءً كاملاً شاملاً لا يمكن أن يحسّ بشيء من العذاب.
ومن هنا يتبيّن أنّ الفاني إنّما هو الجسد ، وأمّا الروح فتبقى وترى العذاب الهون وتذوقه وتحسّ به.
قال العلّامة الطباطبائي في تفسير هذه الآية : إنّ كلامه تعالى ظاهر في أنّ النفس ليست من جنس البدن ، ولا من سنخ الأُمور المادية الجسمانية ، وإنّما لها سنخ آخر من الوجود يتّحد مع البدن ويتعلّق به نوعاً من الاتحاد والتعلّق غير مادّي.
فالمراد بقوله : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) قطع علقة أنفسهم من أبدانهم وهو الموت (٢).
الآية الثامنة
(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ
__________________
(١) الأنعام : ٩٣.
(٢) تفسير الميزان ٧ : ٢٨٥.