ويرشدك إلى أنّ هذه الاحتفالات تجسيد لتكريم النبيّ ، وجدانك الحرّ ؛ فإنّه يقضي بلا مرية على أنّها إعلاء لمقام النبي وإشادة بكرامته وعظمته ، يتلقاها كلّ من شاهدها عن كثب ، على أنّ المحتفلين يعزّرون نبيّهم ويكرمونه ويرفعون مقامه اقتداء بقوله سبحانه : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (١).
السنّة النبويّة وكرامة يوم مولده
١ ـ أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سئل عن صوم يوم الاثنين فقال : «ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أُنزل عليّ» (٢).
يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ عند الكلام في استحباب صيام الأيام التي تتجدّد فيها نعم الله على عباده ـ ما هذا لفظه : «إنّ من أعظم نعم الله على هذه الأُمّة إظهار محمد صلىاللهعليهوآله وبعثه وإرساله إليهم ، كما قال الله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٣) فصيام يوم تجدّدت فيه هذه النعمة من الله سبحانه على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجدّدها بالشكر» (٤).
٢ ـ روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنه قال : قدم رسول اللهصلىاللهعليهوآله المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألوا عن ذلك؟ فقالوا : هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، فنحن نصومه تعظيماً له ، فقال النبيّصلىاللهعليهوآله : «فنحن أحقّ وأولى بموسى منكم» فصامه رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الانشراح : ٤.
(٢) مسلم ٢ : ٨١٩.
(٣) آل عمران : ١٦٤.
(٤) لطائف المعارف : ٩٨.