الصدقات ، ويظهرون السرور ، ويزيدون في المبرّات ، ويعتنون بقراءة مولده الشريف ، ويظهر عليهم من كراماته كلّ فضل عظيم» (١).
وقال أبو شامة المقدسي في كتابه : «ومن أحسن ما ابتدع!! في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق ليوم مولده صلىاللهعليهوآله من الصدقات والمعروف بإظهار الزينة والسرور ؛ فإنّ في ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء شعاراً لمحبّته» (٢).
أنا لا أوافق الشيخ المقدسي في تسميته للاحتفال بالبدعة إلّا أن يريد البدعة بالمعنى اللغوي ، كما أنّ الاحتجاج على حسن الاحتفالِ بالأعمال الجانبيّة من صدقات ومعروف وإظهار الزينة ... ، فإنّ هذه الأُمور الجانبيّة لا تسوغ الاحتفال ، ولا تضفي عليه صبغة شرعية ما لم يكن هناك دليل في الكتاب والسنّة ، وقد عرفت وجوده.
وقال القسطلاني : «ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليهالسلام ، ويعملون الولائم ، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات ، ويظهرون السرور ، ويزيدون في المبرّات ، ويعتنون بقراءة مولده الكريم ، ويظهر عليهم من بركاته كلّ فضل عظيم .. فرحم الله امرأ اتّخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ، ليكون أشدّ علّة على من في قلبه مرض وأعيى داء» (٣).
إذا عرفت ما ذكرناه فلا نظنّ أن يشكّ أحد في جواز الاحتفال بمولد النبيّ الأكرم ، احتفالاً دينياً فيه رضا الله ورسوله ، ولا تصحّ تسميته بدعة ؛ إذ البدعة هي التي ليس لها أصل في الكتاب والسنّة ، وليس المراد من الأصل ؛ الدليل الخاص ، بل يكفي الدليل العام في ذلك.
__________________
(١) تاريخ الخميس ١ : ٣٢٣.
(٢) السيرة الحلبيّة ١ : ٨٣ ـ ٨٤.
(٣) المواهب اللدنية ١ : ١٤٨.