ما هو المقصود من شعائر الله؟
هنا احتمالات :
١ ـ تعظيم آيات وجوده سبحانه.
٢ ـ معالم عبادته وأعلام طاعته.
٣ ـ معالم دينه وشريعته ، وكلّ ما يمت إليهما بصلة.
أمّا الأوّل ، فلم يقل به أحد ؛ إذ كل ما في الكون آيات وجوده ، ولا يصحّ تعظيم كلّ موجود بحجّة أنّه دليل على الصانع.
وأمّا الثاني ؛ فهو داخل في الآية قطعاً ، وقد عدّ الصَّفا والمروةَ والبُدْن من شعائر الله ، فهي من معالم عبادته وأعلام طاعته ، إنّما الكلام في اختصاص الآية بمعالم العبادة وأعلام الطاعة ، ولا دليل عليه ، بل المتبادر هو الثالث ، أي معالم دينه سبحانه ، سواء كانت أعلاماً لعبادته وطاعته أم لا ؛ فالأنبياء والأوصياء والشهداء والصحف والقرآن الكريم والأحاديث النبويّة كلّها من شعائر دين الله وأعلام شريعته ، فمن عظّمها فقد عظّم شعائر الدين.
قال القرطبي : فشعائر الله ، أعلام دينه ، لا سيما ما يتعلّق بالمناسك (١).
ولقد أحسن حيث عمّم أوّلاً ، ثمّ ذكر مورد الآية ثانياً ، وممّا يعرب عن ذلك أنّ إيجاب التعظيم تعلّق ب «حرمات الله» في آية أُخرى.
قال سبحانه : (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (٢) ، والحرمات ما لا يحلّ انتهاكه ، فأحكامه سبحانه حرمات الله ؛ إذ لا يحلّ انتهاكها ، وأعلام طاعته وعبادته حرمات الله ؛ إذ يحرم هتكها ، وأنبياؤه وأوصياؤهم وشهداء دينه وكتبه وصحفه من حرمات الله ، يحرم هتكهم ، فلو عظّمهم المؤمن أحياءً وأمواتاً فقد عمل بالآيتين : (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) ، (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ).
__________________
(١) القرطبي ، التفسير ١٢ : ٥٦ طبع دار إحياء التراث.
(٢) الحجّ : ٣٠.