الإله والآلهة لقدرت على استظهار ما اخترناه.
حصيلة البحث : أنّ العبادة عبارة عن الخضوع الصادر لمن يتّخذه الخاضع إلهاً ، وما ذكرناه على وجه التفصيل هو الذي أفرغه الشيخ جواد البلاغي في قالب التعريف وقال : العبادة ما يرونه مشعراً بالخضوع لمن يتّخذه الخاضع إلهاً ، ليوفيه بذلك ما يراه له من حقّ الامتياز بالألوهيّة (١).
التعريف الثاني :
العبادة عبارة عن الخضوع للشيء على أنّه ربّ
واللغويون وإن ذكروا للربّ معاني مختلفة كالخالق والمالك والصاحب والمصلح ، ولكنّ الظاهر أنّ أكثر هذه المعاني من لوازم المعنى الواحد ، ويمكن تصويره بأنّه من فوّض إليه أمر الشيء من حيث الإصلاح والتدبير والتربية ، فلو أُطلق الربّ على الخالق فلأنّه يقوم بإصلاح مخلوقه وتدبيره ، وتربيته. ولو أُطلق على صاحب المزرعة ربّ الضيعة ، أو على سائس القوم أنّه ربّهم ، فلأنّ الأوّلَ يقوم بإصلاح أُمور المزرعة ، والثاني بتدبير أُمور القوم وشئونهم ، وقس على ذلك سائر الأُمور ، فالله سبحانه ربّ العالمين ، و (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢) و (هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) (٣) فلأجل أنّه سبحانه مدبّر ومدير ومتصرّف في شئونها والقائم عليها. فلو أُطلق الربّ على مالك الدابة فلأجل أنّه فُوِّض إليه إصلاح المملوك.
هذا من جانب ، ومن جانب آخر نرى الله سبحانه يعلّل في بعض الآيات
__________________
(١) آلاء الرحمن : ٥٧ ، ط صيدا.
(٢) الصافات : ٥.
(٣) النجم : ٤٩.