تسنّم الامام منصة الخلافة بطوع ورغبة من جماهير المسلمين ، وواجه أحداثاً ظهرت بعد رسول الله ، وأراد إرجاع المجتمع الإسلامي إلى عهد رسول الله في مجالات مختلفة ، ولكن حالت العوائق دون نيّته ، فترك بعض الأُمور بحالها ، حتّى يشتغل بالأهمّ فالأهمّ ، فلأجله أمر ابنه الحسن أن يتركهم بحالهم حتّى لا يختلّ نظام البلاد ، ولا يثور الجيش ضدّه.
روى أبو القاسم بن قولويه (ت ٣٦٩ ه) عن الإمامين الباقر والصادق قالا :
«كان أمر أمير المؤمنين بالكوفة إذا أتاه الناس فقالوا له : اجعل لنا إماماً يؤمّنا في رمضان ، فقال لهم : لا ، ونهاهم أن يجتمعوا فيه ، فلمّا أحسّوا ، جعلوا يقولون أبكوا رمضان وا رمضاناه ، فأتى الحارث الأعور في أُناس فقال : يا أمير المؤمنين ضجّ الناس وكرهوا قولك ، قال : فقال عند ذلك : دعوهم وما يريدون ، يُصلّ بهم من شاءُوا» (١).
هذه الروايات تدلّنا على موقف أئمة أهل البيت في إقامة نوافل شهر رمضان جماعة.
صلاة التراويح في حديث الرسول صلىاللهعليهوآله
تختلف روايات أئمة أهل البيت عن بعض ما رواه أصحاب السنن ، فرواياتهم عليهمالسلام صريحة في أنّ النبيّ الأكرم كان ينهى عن إقامة نوافل رمضان جماعة ، وأنّه صلىاللهعليهوآله لمّا خرج بعض الليالي إلى المسجد ليقيمها منفرداً ، ائتمّ به الناس فنهاهم عنه ، ولمّا أحسّ إصرارهم على الائتمام به ترك الصلاة في المسجد واكتفى بإقامتها في البيت ، وإليك بعض ما روي في ذلك :
__________________
(١) السرائر ٣ : ٦٣٨.