الآية العاشرة
قوله سبحانه : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (١) الآية تدلّ بوضوح على أنّه مرّت على الإنسان المحشور يوم القيامة ، إماتتان وإحياءان.
فالإماتة الأُولى : هي الإماتة الناقلة للإنسان من الدنيا.
والإحياء الأوّل : هو الإحياء بعد الانتقال منها.
والإماتة الثانية : قُبيل القيامة عند نفخ الصور الأوّل.
والإحياء الثاني : عند نفخ الصور الثاني.
قال سبحانه : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٢).
وعلى ما ذكرنا فكل من الإحياءَين لا صلة له بالدنيا ، بل يتحقّقان بعد الانتقال من الدنيا ، أحدهما في البرزخ بعد الإماتة في الدنيا ، والآخر يوم البعث بعد الإماتة بنفخ الصور الأوّل.
وعندئذٍ تتضح دلالة الآية على الحياة البرزخية بوضوح.
نعم لم يتعرض القائلون بالحياة الدنيوية ولم يقولوا (وأحييتنا ثلاثاً) وإن كانت إحياء لكونها واقعة بعد الموت الذي هو حال عدم ولوج الروح ، ولعلّ الوجه هو أنّ الغرض تعلّق بذكر الإحياء الذي يعدّ سبباً للإيقان بالمعاد ومورِّثاً للإيمان وهو الإحياء في البرزخ ثمّ يوم القيامة ، وأمّا الحياة الدنيوية ، فإنّها وإن كانت إحياء بلا
__________________
(١) غافر : ١١.
(٢) الزمر : ٦٨.