ورسول الله صلىاللهعليهوآله قائم بعرفة يوم الجمعة (١).
وأخرج الترمذي عن ابن عباس نحوه وقال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة ، وقال الترمذي : وهو صحيح (٢).
«وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيداً ؛ لأنّ الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كان موسماً لشكر تلك النعمة ، وفرصة لإظهار الفرح والسرور» (٣).
نرى أنّ المسيح عند ما دعا ربّه أن ينزل مائدة عليه وعلى حواريه قال : (اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٤). فقد اتّخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيداً ، والرسول الأكرم نعمة عظيمة منّ بها الله على المسلمين بميلاده ، فلم لا نتّخذه يوم فرح وسرور؟
الاستدلال بالإجماع
ذكروا أنّ أوّل من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب إرْبَل ، وقد توفي عام ٦٣٠ ه ، وربما يقال أوّل من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون ، أوّلهم المعز لدين الله ، توجه من المغرب إلى مصر في شوال ٣٦١ ه ، وقيل في ذلك غيره ، وعلى أيّ تقدير فقد احتفل المسلمون حقباً وأعواماً من دون أن يعترض عليهم أحد ،
__________________
(١ ـ ٢) البخاري ٨ : ٢٧٠ ؛ كما أخرجه الترمذي في ٥ : ٢٥٠. وفي الروايات المتضافرة انّها نزلت في الثامن عشر من ذي الحجة في حجّة الوداع.
(٣) بلوغ المأمول : ٢٩.
(٤) المائدة : ١١٤.