ثانياً : أنّ العرض على النار قبل قيام الساعة ، كما أنّ الإدخال حين قيامها.
وثالثاً : أنّ التعذيب بعد الموت وقبل قيام الساعة (البرزخ) والتعذيب عند قيام الساعة ، بشيء واحد وهو نار الآخرة ، لكن العذاب قبل قيامها بالعرض على النار ، وبعد قيامها بالدخول فيها ، وينتج أنّ البرزخيّين يعذّبون من بعيد (١) وأهل الآخرة بالدخول.
ورابعاً : أنّ آل فرعون وإن ماتوا بالغرق في البحر ، لكن موتهم لم يكن بمعنى بطلانهم وفنائهم رأساً ، بل بمعنى خروج أرواحهم من أبدانهم وانتقالهم إلى عالم آخر حائل بين العالمين ، فقُضيَ عليهم بسوء العذاب إلى يوم القيامة بالعرض على النار ، والدخول فيها بعد قيامها ، ولو لم يكن إحياء ، فلا معنى لتعذيب الجماد الفاقد للشعور بالعرض على النار.
وخامساً : أنّ شخصية آل فرعون بأرواحهم لا بأبدانهم ، بشهادة بطلان أجسادهم وتشتّت أجزائها ، لكنّهم معادون بعد الموت بالعرض على النار ، وبالدخول فيها بعد قيام الساعة.
الآية السادسة
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢).
وقبل أن ننوّه بدلالة الآية على بقاء الحياة بعد الموت نفسر لفظين من الآية :
أحدهما : «البرزخ» ، وهو الحاجز بين الشيئين ، قال سبحانه : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ
__________________
(١) يستفاد من الآية ٢٥ من سورة نوح ـ على القول بأنّها راجعة إلى البرزخ ـ أنّ الدخول لا يختص بيوم القيامة ، بل يعمّه والحقبة البرزخية ، ولعلّ هناك فرقاً بين النارين أعاذنا الله منهما.
(٢) المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠.