أ ـ حديث سهل بن سعد
روى البخاري عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : «كان الناس يُؤمرون أن يضع الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» قال أبو حازم : لا أعلمه إلّا يَنمي ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله (١).
قال إسماعيل (٢) : يُنمى ذلك ولم يقل يَنمي.
والرواية متكفّلة لبيان كيفية القبض إلّا أنّ الكلام في دلالتها بعد تسليم سندها. لكنها لا تدلّ عليه بوجهين :
أوّلاً : لو كان النبيّ الأكرم هو الآمر بالقبض فما معنى قوله : «كان الناس يؤمرون»؟ أوَما كان الصحيح عندئذٍ أن يقول : كان النبيّ يأمر؟ أوليس هذا دليلاً على أنّ الحكم نجم بعد ارتحال النبيّ الأكرم ؛ حيث إنّ الخلفاء وأُمراءهم كانوا يأمرون الناس بالقبض بتخيّل أنّه أقرب للخشوع؟ ولأجله عقد البخاري بعده باباً باسم «باب الخشوع». قال ابن حجر : الحكمة في هذه الهيئة أنّه صفة السائل الذليل ، وهو أمنع عن العبث ، وأقرب إلى الخشوع ، كان البخاري قد لاحظ ذلك وعقّبه بباب الخشوع.
وثانياً : إنّ في ذيل السند ما يؤيّد أنّه كان من عمل الآمرين ، لا الرسول الأكرم نفسه حيث قال : قال إسماعيل : «لا أعلمه إلّا يُنمى ذلك إلى النبي» بناءً على قراءة الفعل بصيغة المجهول.
ومعناه أنّه لا يعلم كونه أمراً مسنوناً في الصلاة ، غير أنّه يُعزى وينسب إلى النبيّ ، فيكون ما يرويه سهل بن سعد مرفوعاً.
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٢ : ٢٢٤ ، باب وضع اليمنى على اليسرى. ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٢ : ٢٨ ، باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
(٢) المراد : إسماعيل بن أبي أويس شيخ البخاري كما جزم به الحميدي. لاحظ فتح الباري ٥ : ٣٢٥.