بهم التراويح» (١).
فإذا كان المفروض أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يسنّ الجماعة فيها ، وانّما سنّها عمر ، فهل هذا يكفي في كونها مشروعة؟! مع أنّه ليس لإنسان حتّى الرسول حقّ التسنين والتشريع ، وإنّما هو صلىاللهعليهوآله مبلّغ عن الله سبحانه.
إنّ الوحي يحمل التشريع إلى النبيّ الأكرم وهو صلىاللهعليهوآله الموحَى إليه ، وبموته انقطع الوحي ، وسدّ باب التشريع والتسنين ، فليس للأُمّة إلّا الاجتهاد في ضوء الكتاب والسنّة ، لا التشريع ولا التسنين ، ومن رأى انّ لغير الله سبحانه حقّ التسنين فمعنى ذلك عدم انقطاع الوحي.
قال ابن الأثير في نهايته : ومن هذا النوع قول عمر رضى الله عنه : «نعم البدعة هذه (التراويح) لمّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سمّاها بدعة ومدحها ، إلّا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يسنّها لهم ، وإنّما صلّاها ليالي ثمّ تركها ، ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر رضى الله عنه جمع الناس عليها ، وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة ، وهي في الحقيقة سنّة ، لقوله صلىاللهعليهوآله : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» ، وقوله : «اقتدوا بالّذين من بعدي أبي بكر وعمر» (٢).
التشريع مختصّ بالله سبحانه
إنّ هؤلاء الأكابر مع اعترافهم بأنّ النبيّ لم يسنّ الاجتماع ، برّروا إقامتها جماعة بعمل الخليفة ، ومعنى ذلك أنّ له حقّ التسنين والتشريع ، وهذا يضادّ إجماع الأُمّة ؛ إذ لا حقَّ لإنسان أن يتدخّل في أمر الشريعة بعد إكمالها لقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
__________________
(١) روضة المناظر عنه النص والاجتهاد : ٢١٤ ط. مؤسّسة البعثة طهران.
(٢) النهاية ١ : ٧٩.