يكتفي بذلك بل يحاول أن يزور قبره وتربته حيناً بعد حين. كلّ ذلك بباعث ذاتي من صميم خلقته ، فلا يصحّ لدين أُسُّه الفطرة أن يخالفه أو يمنعه من وصل أحبّائه وتعاهدهم.
لكن للإسلام أن يحدّدها ويذكر آدابها ويمنع عن بعض الأُمور غير الدخيلة في صميمها ، لكن ليس في وسعه ـ بما أنّه منادٍ لدين الفطرة ـ أن يقوم بقطع العلائق مع الأحبّة بتاتاً.
وعلى ضوء ذلك ترى أنّ السنّة حثّت على زيارة القبور وذكرت آثارها البنّاءة ، ولو منعت في فترة خاصّة ـ لو صحّ المنع ـ فإنّما هو لمانع عن تطبيق الحكم وتنفيذه كما سيظهر لك.
هذا هو أصل الزيارة ، وقضاء الفطرة على وفقه. مضافاً إلى ذلك فلها آثار تربويّة وهي ما يلي :
الآثار التربوية لزيارة القبور
إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية وأخلاقية ، وذلك لأنّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الحياة الدنيا ، وكانوا بمكان عال من القدرة والسلطة ، ثمّ انتقلوا إلى الآخرة ، تؤدّي إلى الحدّ من روحِ الطمع ، والحرص على الدنيا ، وربّما تُغيّر سلوك الإنسان لما يرى أنّ المنزل الأخير لحياته إنّما هو بيت ضيّق ومظلم باق فيه إلى ما شاء الله ، فعند ذلك ربما يترك المظالم والمنكرات ويتوجّه إلى القيم والأخلاق.
وإلى هذا الجانب من الأثر التربوي يشير النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ويقول :
«كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها ؛ فإنّها ترقُّ القلوب ، وتدمعُ