إسماعيل بن سميع عن أبي رزين (١).
يلاحظ عليه : أنّ هذا التفسير ينافيه تخلّل الفاء بين قوله : (مَرَّتانِ) وقوله (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) فهو يفيد أنّ القيام بأحد الأمرين بعد تحقّق المرّتين ، لا في أثنائهما. وعليه لا بدّ أن يكون كلّ من الإمساك والتسريح أمراً متحقّقاً بعد المرّتين ، ومشيراً إلى أمر وراء التطليقتين.
نعم يستفاد لزوم القيام بأحد الأمرين بعد كلّ تطليقة ، من آية أُخرى أعني قوله سبحانه : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) (٢).
ولأجل الحذر عن تكرار المعنى الواحد في المقام يفسّر قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٣) بوجه آخر سيوافيك.
ب ـ ينبغي على الزوج بعد ما طلّق زوجته مرّتين ، أن يفكّر في أمر زوجته أكثر ممّا مضى ، فليس له بعد التطليقتين إلّا أحد أمرين : إمّا الإمساك بمعروف وإدامة العيش معها ، أو التسريح بإحسان بالتطليق الثالث الّذي لا رجوع بعده أبداً ، إلّا في ظرف خاص ، فيكون قوله تعالى : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) إشارة إلى التطليق الثالث الّذي لا رجوع فيه ويكون التسريح متحقّقاً به.
وقفة مع الجصّاص في تفسير الآية :
وهنا سؤالان أثارهما الجصّاص في تفسيره :
١ ـ كيف يفسّر قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) بالتطليق الثالث ، مع أنّ المراد من
__________________
(١) الطبري ، التفسير ٢ : ٢٧٨ وسيوافيك خبر أبي رزين.
(٢) البقرة : ٢٣١. وأيضاً في سورة الطلاق : (فإذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف) (الطلاق : ٢).
(٣) البقرة : ٢٢٩.