عليها كذلك أرسلها إلى أجل مسمّى. كل ذلك يكشف عن أنّ الموت ليس فناءَ الإنسانِ وآية العدم ، بل هناك انخلاع عن الجسد وارتحال إلى عالم آخر.
د ـ وهناك كلمة قيّمة لأبي الشهداء الحسين بن علي عليهالسلام توضح هذه الحقيقة إذ قال لأصحابه في يوم عاشوراء : «صبراً يا بني الكرام فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء ، إلى الجنان الواسعة والنعم الدائمة ، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ، وما هو لأعدائكم إلّا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب ، إنّ أبي حدّثني عن رسول الله : أنّ الدنيا سجن المؤمن ، وجنّة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ما كذبتُ ولا كُذِّبتُ» (١).
وفي هذه الآيات غنى وكفاية لثبوت الحياة البرزخية للأنبياء والشهداء والصدّيقين ، بل لغيرهم وقد شهدت بذلك الآيات الكريمة التي لا مجال لنقلها (٢) ، وهذه الحقيقة ممّا أجمع عليها أئمة أهل السنّة ، فهذا الإمام الأشعري يقول : «ومن عقائدنا أنّ الأنبياء : أحياءٌ» وقد ألّف كتاباً أسماه «حياة الأنبياء» (٣).
فلنقتصر بهذا البيان في إثبات الموضوع الأوّل وقد تركنا الاحتجاج على حياتهم بما ورد في السنّة النبويّة وسيوافيك بعضها في المستقبل.
الثاني : الصلة بين الحياة الدنيوية والحياة البرزخية :
هذا هو الموضوع الثاني من المواضيع الثلاثة التي يتوقف عليها إثبات ما هو المقصود في هذا المبحث.
__________________
(١) بلاغة الحسين : ص ٤٧.
(٢) وقد أشبعنا الكلام في ذلك عند البحث في الحياة البرزخيّة فلاحظ.
(٣) طبقات الشافعية ٣ : ٤٠٦.