إلى مشاهد كثيرة ممّن لم تحضرنا تسميتُه من الأولياء والصالحين والسلف الكريم ، رضي الله عن جميعهم.
وبأعلى الشرقيّة خارج البلد محلّة كبيرة بإزاء محلّة الرّصافة ، وبالرصافة كان باب الطّاق المشهور على الشطّ ، وفي تلك المحلّة مشهد حفيل البنيان ؛ له قبّة بيضاء سامية في الهواء ؛ فيه قبر الإمام أبي حنيفة رضى الله عنه ، وبه تعرف المحلّة ، وبالقرب من تلك المحلّة قبر الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه ، وفي تلك الجهة أيضاً قبر أبي بكر الشبلي رحمهالله ، وقبر الحسين بن منصور الحلّاج ، وببغداد من قبور الصالحين كثير ، رضي الله عنهم (١).
المشاهد المكرّمة والآثار المعظّمة في الشام :
يقول ابن جبير :
فأوّلها مشهد رأس يحيى بن زكريا عليهالسلام ، وهو مدفون بالجامع المكرّم في البلاط القبلي قبالة الركن الأيمن من المقصورة الصحابيّة (٢) ، رضي الله عنهم ، وعليه تابوت خشب معترض من الأُسطوانة ، وفوقه قنديل كأنّه من بلّور مجوّف ، كأنّه القدح الكبير ، لا يُدرى أمن زجاج عراقيّ أم صُوريّ هو أم من غير ذلك.
ومولد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وعلى نبيّنا الكريم ، وهو بصفح جبل قاسيون عند قرية تُعرف بِبَرْزَة ؛ وهي من أجمل القرى ، وهذا الجبل مشهور بالبركة في القديم لأنّه مصعد الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، ومطلعهم ، وهو في الجهة الشماليّة من البلد وعلى مقدار فرسخ ، وهذا المولد المبارك غار مستطيل ضيّق ، وقد بُني عليه مسجد كبير مرتفع مُقسّم على مساجد كثيرة كالغُرف المطلّة ، وعليه صومعة عالية ، ومن ذلك الغار رأى عليهالسلام الكوكب ثمّ القمر ثمّ الشمس ، حسبما
__________________
(١) رحلة ابن جبير : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، ط. بيروت ١٩٨٦.
(٢) هي أول مقصورة وضعت في الإسلام وضعها معاوية بن أبي سفيان.