ذكره الله تعالى في كتابه عزوجل (١) ، وفي ظهر الغار مقامه الّذي كان يخرج إليه ، وهذا كلّه ذكره الحافظ محدّث الشام أبو القاسم بن هبة الله بن عساكر الدمشقي في تاريخه في أخبار دمشق ، وهو ينوف على مائة مجلّد.
وذكر أيضاً أنّ بين باب الفراديس ، وهو أحد أبواب البلد ، وفي الجهة الشماليّة من الجامع المبارك ، على مقربة منه إلى جبل قاسيون ، مدفن سبعين ألف نبي ، وقيل : سبعون ألف شهيد ، وأنّ الأنبياء المدفونين به سبعمائة نبيّ ، والله أعلم.
وخارج هذا البلد الجبّانة العتيقة ، وهي مدفن الأنبياء والصالحين ، وبركتها شهيرة ، وفي طرفها ممّا يلي البساتين وَهْدَة من الأرض متّصلة بالجبّانة ، ذكر أنّها مدفن سبعين نبيّاً ، وعصمها الله ونزّهها من أن يُدفن فيها أحد ، والقبور محيطة بها ، وهي لا تخلو من الماء حتّى عادت قرارة له ، كلّ ذلك تنزيه من الله تعالى لها.
وبجبل قاسيون أيضاً لجهة الغرب ، على مقدار ميل أو أزيد من المولد المبارك ، مغارة تعرف بمغارة الدم ؛ لأنّ فوقها في الجبل دم هابيل قتيل أخيه قابيل ابني آدم عليهالسلام ، يتّصل من نحو نصف الجبل إلى المغارة ، وقد أبقى الله منه في الجبل آثاراً حُمراً في الحجارة تُحك فتستَحيل ، وهي كالطريق في الجبل ، وتنقطع عند المغارة ، وليس يوجد في النصف الأعلى من المغارة آثار تشبهها ، فكان يقال : إنّها لون حجارة الجبل ، وإنّما هي من الموضع الّذي جرّ منه القاتل لأخيه حيث قتله حتّى انتهى إلى المغارة ؛ وهي من آيات الله تعالى ، وآياته لا تُحصى.
وقرأنا في تاريخ ابن المعلّى الأسدي أنّ تلك المغارة صلّى فيها إبراهيم وموسى وعيسى ولوط وأيوب ، عليهم وعلى نبيّنا الكريم أفضل الصلاة والسلام.
وعليها مسجد قد أُتقن بناؤه ، ويُصعد إليه على أدراج ، وهو كالغرفة المستديرة ، وحولها أعواد مشرجبة مطيفة بها ، وبه بيوت ومرافق للسكنى ، وهو
__________________
(١) الأنعام : ٧٦ ـ ٧٨.