٣ ـ تقسيم البدعة إلى حقيقيّة وإضافيّة
هذا التقسيم ذكره الشاطبي في كتابه ، وعرّف البدعة الحقيقية : بأنّها ما لم يدلّ عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا سنّة ولا إجماع ولا استدلال معتبر عند أهل العلم ، لا في الجملة ولا في التفصيل. وإن ادّعى مبتدعها ومن تابعه أنّها داخلة فيما استنبط من الأدلّة ؛ لأنّ ما استند إليه شُبَه واهية لا قيمة لها.
أمّا البدعة الإضافية فقد عرّفها بأنّها ما لها شائبتان :
إحداهما : لها من الأدلّة متعلّق فلا تكون من تلك الجهة بدعة.
والأُخرى : ليس لها متعلّق إلّا مثلَ ما للبدعة الحقيقية ، أي أنّها بالنسبة لإحدى الجهتين سنّة لاستنادها إلى دليل ، وبالنسبة للجهة الأُخرى بدعة لأنّها مستندة إلى شبهة ، لا إلى دليل ، أو لأنها غير مستندة إلى شيء.
وسمّيت إضافية لأنّها لم تتخلص لأحد الطرفين : (المخالفة الصريحة) أو (الموافقة الصريحة) (١).
أقول : قد تقدّم البحث عن البدعة الحقيقية فلا حاجة إلى إيضاحها من جديد ؛ فانّ تحريم الحلال أو تحليل الحرام استناداً إلى شبه واهية أو بلا شبهة بدعة حقيقية ، وقد مرّت الأمثلة فيما سبق ، والمهم إيضاح المقصود من البدعة الإضافية التي لها شائبتان ، التي من جهة تشبه السنّة ومن جهة تشبه البدعة ، وتتضح بالأمثلة التالية التي ذكرها الشاطبي نفسه:
١ ـ تخصيص يوم أو أيام ، غير ما نهى الشارع عن صومه أو ندب إلى صومه ، بالصوم والمداومة عليه.
__________________
(١) الاعتصام ١ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.