إذا شككنا أنّ لعبة كرة القدم أو الاستماع إلى الإذاعة هل هما جائزان أو لا؟ فالأصل بعد التتبع وعدم العثور على الدليل المحرّم ، هو الحلّية.
فبذلك علم أنّ جميع العادات من قول أو فعل فهو محكوم بالإباحة ما لم نجد نصّاً على تحريمه في الكتاب والسنّة ، سواء أكان حادثاً أم غير حادث ، سواء أصارت سنّة أم لا ، ما لم ينطبق عليه عنوان خاص أو أحد العناوين الكلية المحرّمة ك «الإسراف» و «الإعانة على الإثم» و «تقوية شوكة الكفّار» و «الإضرار بالمسلمين» و «الإضرار بالنفس والنفيس» ، تعدّ أمراً مباحاً.
وعلى أساس ذلك فانّ جميع المصنوعات الحديثة التي هي من نتائج التقدّم الحضاري التكنولوجي ، مثل الهاتف والتلغراف والتلفزيون والسيّارة والطائرة وما شابهها ، واستخداماتها المتعارفة ؛ محكومة بالحلّية والإباحة لعدم وجود نصّ خاصّ على تحريمها في الكتاب والسنّة ، ولعدم انطباق أحد العناوين العامة المحرّمة عليها.
وقد كان معظم المشايخ المتزمّتين يحرّمون كلّ ذلك في بدء حركتهم ودعوتهم أيام «عبد العزيز» ولكنّهم عند ما أُزيحوا عن منصّة الحكم ، وحلّ الآخرون محلّهم أباحوه وصاروا يتحدّثون في الإذاعة والتلفزيون ، ويستخدمون كلّ معطيات الحضارة الحديثة ، ويحلّلون كلّ أشيائها واستخداماتها.
فإذا كان قول الرجل «كيف أصبحت» وإدخال المراوح إلى المساجد ، وفرش البسط في المساجد وعلى المنابر ولبس ما زادت قيمته على ما حدّده ، وسكب ماء الورد على القبر من البدع ، فعلى الإسلام السلام.
ثمّ إنّ بعض ما عدّه ابن الحاج من الأُمور الدينية من البدع يتصوّر أنّه لم يكن بين السلف ؛ مردود بوجود دليل عليه في الشرع وهذا ما سندرسه في المبحث القادم.