من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».
وهذا المعنى روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من عدة وجوه صحاح وحسان.
وفي المسند عن حذيفة قال : سأل رجل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله فأمسك القوم ، ثمّ إنّ رجلاً أعطاه فأعطى القوم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «من سنّ خيراً فاستنّ به كان له أجره ومن أُجور من تبعه غير منتقص من أُجورهم شيئاً ، ومن سنّ شراً فاستنّ به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئاً».
وقد دلّ على هذا قوله صلىاللهعليهوآله : «لا تُقتل نفس ظلماً إلّا كان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها ؛ لأنّه أوّل من سنّ القتل» فإذا كان هذا في العذاب والعقاب ففي الفضل والثواب أولى وأحرى (١).
ويؤيده ما ورد في شأن صلاة الجماعة حيث تُفضَّل بسبع وعشرين درجة أو خمس وعشرين درجة على صلاة بغير جماعة (٢).
فكيف ينتفع المصلّون بعضهم ببعض؟ وكلّما زاد المصلّون ازدادوا انتفاعاً.
الثاني : فيما إذا لم يكن للميت في العمل سعي ولا تسبيب ، فهل يصل ثواب عمل الغير إليه؟
الظاهر من الكتاب والسنّة هو أنّه سبحانه بعميم فضله وواسع جوده يوصل ثواب عمل الغير إلى الميت ، فيما إذا قام الغير بعمل صالح نيابة عن الميت ، وبعث ثوابه إليه ، ويدلّ على ذلك طائفة كبيرة من الآيات والأحاديث والأخبار.
عرض المسألة على الكتاب :
لقد صرّحت الآيات بأنّ الإنسان المؤمن ينتفع بعمل غيره ، وإن لم يكن له فيه
__________________
(١) كتاب الروح ، المسألة السادسة عشرة ، ونقلها برمتها محمّد الفقي من علماء الأزهر في كتابه التوسل والزيارة : ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٢) صحيح مسلم ٢ : ١٢٨ ، باب فضل صلاة الجماعة.