فلمّا رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليهالسلام قال له : ما هذا الصوت؟ قال : يا أمير المؤمنين الناس يصيحون : وا عُمَراه وا عُمَراه ، فقال أمير المؤمنين : قل لهم : صلّوا» (١).
وربما يتعجّب القارئ من قول الإمام «قل لهم : صلّوا» حيث تركهم يستمرّون في الإتيان بهذا الأمر المبتدع ، ولكن إذا رجع إلى سائر كلماته يتجلّى له سرّ تركهم على ما كانوا عليه.
قال الشيخ الطوسي : إنّ أمير المؤمنين لمّا أنكر ، أنكر الاجتماع ، ولم يُنكر نفس الصلاة ، فلمّا رأى أنّ الأمر يَفسُد عليه ويفتتن الناس ، أجاز أمرهم بالصلاة على عادتهم(٢).
ويدلّ عليه :
ما رواه سليم بن قيس ، قال : خطب أمير المؤمنين فحمد الله وأثنى عليه ثمّ صلّى على النبيّ ثمّ قال :
«ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خلّتان : اتّباع الهوى ، وطول الأمل ـ ثمّ ذكر أحداثاً ظهرت بعد رسول الله ـ وقال : ولو حملتُ الناسَ على تركها ... لتفرق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي ... والله لقد أمرتُ الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة وأعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيِّرتْ سنّة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً ، وقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ...» (٣).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ح ٢٢٧.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) الكافي ٨ : ٥٨.