الخطاب رضى الله عنه قد فتحوا القدس ، وفيها مقابر الأنبياء ومقام إبراهيم ويعقوب وأولادهم ، وعليها قباب وأبنية ولم يَدُر بخلد أحدٍ حتى الخليفة بأنّها بدعة كي يهدموها بمعاولهم.
إنّ هناك كلاماً جميلاً للأُستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، فقد ألّف كتاباً باسم «السلفية مرحلة زمنيّة مباركة لا مذهب إسلامي» وقد أدّى فيه حقّ المقال ، نقتطف منه ما يأتي:
إنّ من الخطأ بمكان أن نعمد إلى كلمة (السلف) فنصوغ منها مصطلحاً جديداً ، طارئاً على تاريخ الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي ، ألا وهو «السلفية» فنجعله عنواناً مميزاً تندرج تحته فئة معيّنة من المسلمين ، تتّخذ لنفسها من معنى هذا العنوان وحده مفهوماً معيناً ، وتعتمد فيه على فلسفة متميزة ، بحيث تغدو هذه الفئة بموجب ذلك جماعة إسلامية جديدة في قائمة جماعات المسلمين المتكاثرة والمتعارضة بشكل مؤسف في هذا العصر ، تمتاز عن بقية المسلمين بأفكارها وميولاتها بل تختلف عنهم حتى بمزاجها النفسي ومقاييسها الأخلاقية كما هو الواقع اليوم فعلاً.
بل إنّا لا نعدو الحقيقة إن قلنا : إنّ اختراع هذا المصطلح بمضامينه الجديدة التي أشرنا إليها ، بدعة طارئة في الدين ، لم يعرفها السلف الصالح لهذه الأُمّة ولا الخلف الملتزم بنهجه.
فإنّ السلف ـ رضوان الله عليهم ـ ، لم يتّخذوا من معنى هذه الكلمة بحدّ ذاتها مظهراً لأيّ شخصية متميّزة ، أو أي وجود فكري أو اجتماعي خاص بهم ، يميّزهم عمّن سواهم من المسلمين ، ولم يضعوا شيئاً من يقينهم الاعتقادي أو التزاماتهم السلوكية والأخلاقية في إطار جماعة إسلامية ذات فلسفة وشخصية فكرية مستقلّة. بل كان بينهم وبين من نسمّيهم اليوم بالخلف منتهى التفاعل وتبادل الفهم