والأخذ والعطاء تحت سلطان ذلك المنهج الذي تمّ الاتّفاق عليه ، والاحتكام إليه ، ولم يكن يخطر في بال السابقين منهم ولا اللاحقين بهم أنّ حاجزاً سيختلق ليرتفع ما بينهما بصُنع طائفة من المسلمين فيما بعد ، وليقسم سلسلة الأجيال الإسلامية الى فريقين ، يصبغ كلاً منهما بلون مستقلّ من الأفكار والتصوّرات والاتّجاهات ، بل كانت كَلِمتا السلف والخلف في تصوّراتهم لا تعني ـ من وراء الانضباط بالمنهج الذي ألمحنا إليه ـ أكثر من ترتيب زماني كالذي تدلّ عليه كلمتا : (قبل وبعد) (١).
إنّ ما ذكره هذا المحقق هو الحق القراح الذي لا يرتاب فيه من له إلمام بالكتاب والسنّة وسيرة المسلمين وتاريخهم ، وأين هذا ممّا ذكره الدكتور سيد الجميلي حيث جعل للسلفية والسلف حقيقة شرعية وقال : كلمة السلفية والسلف مصطلحان شرعيان (٢) وليس هذا الاشتباه منه ببعيد لضآلة علمه بالتاريخ وإن كنت في شك فانظر كيف فسّر الأشاعرة بقوله : هم أتباع أبي موسى الأشعري المتوفّى سنة ٤٤ ه مع أنّهم من أتباع أبي الحسن الأشعري المولود عام ٢٦٠ ه والمتوفّى عام ٣٢٤ ه وهو من أحفاد أبي موسى الأشعري ، فهذا مبلغ علمه ويريد أن يقضي بين الفقهاء والمجتهدين والمحدّثين!!
__________________
(١) السلفية مرحلة زمنية لا مذهب إسلامي : ص ١٣ ـ ١٤.
(٢) مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره : ١٠٣.